تدخّل سريع....لإنقاذ يراع جريح....
وقفتُ على عتبة التاريخ أسأله عن يراع رمت به الرياح العواتي في هاوية الأحزان قرب وادي
النسيان علّيَ أرمي إليه بطرف حبل من حبال النجاة...
لكني أبصرته هناك، على مقربة من السطح جاثياً على ركبتيه جثوَّ مكروب محزون خدشته الأيام
بأظافرها اللئيمة، وأوهمه اليأس أنه يقبع في قاع بئر مالها قرار...وأظنني أراه قد توهّم أو يكاد...
ربطتُ حبلي بجذع شجرة العقيدة، وسألتُ ربي التوفيق والسداد..وتقدمتُ مرتجفاً إلى الحافة
المريعة، وألقيتُ ببصري على اليراع الذي لا يزال قابعاً ..هناك.. على صخرة من الأحزان
رُكّبت...مددتُ له يدي طالباً منه الوقوف على قدميه الداميتين..فتململ قليلاً..وتمتم بكلمات هنّ آخر
ما تبقى له من قوة بعد أن كاد الألم القاتل ينزع منه الروح والقلب معاً..
رأيتُ في عينيه بريقاً يدل على قوة كامنة إن أُطلقتْ ملأ صداها أجواء الفضاء ناهيك عن عالم البشر المليء بالمكائد والمصائد المتربصة بيراعي المسكين...
وأخيراً وقف اليراع على قدميه.. وأصدر تنهيدة دلت على عمق جرحه الدامي الذي أصابه به غدر الأيام..في غفلة مني..أو نسيان..
أخرج اليراع من جيبه ورقة ودوّن عليها كلمات قلائل..لكنها كانت في نظري صواريخاً عابرة لقارات القلوب الميتة فألهبتها ..وحرّكت أجراسها لترنَّ مكسّرةً صمت السكون الرهيب..
كلمات ليست كالكلمات..آهات وتأوّهات زلزت كياني المهلهل وتركته رماداً تذروه الرياح...
كلمات من الذهب الخالص حيكت، وباللؤلؤ المنثور زُيّنت لتوضع إكليلاً من زُمرّد على تاج ربيع عمر كاد خريفه أن يفتك به، ويرميه في ذاكرة النسيان..
كلمات ارتعش لها فؤادي المحطّم على صخرة الأيام، واشتعل الرأس شيباً من كيّها وحرّها وصقيعها...
أفقتُ من غفلتي التي لم تدم سوى لحظات، فما وجدتُ بين يدي سوى كلمات..ليست كالكلمات..
ولستُ أدري ما الذي حلّ باليراع الحزين بعدها..أتُراه وصل إلى برّ الأمان ليواصل المشوار..؟؟ مشوار الكفاح.. أم تُراه رَكَنَ إلى الدّعة والسكون ولم يبارح مكانه ..؟؟ هناك ...على حافة النسيان..بين ركام الأزمان...وحيداً..وئيداً..حيث لا ملجأ ولا خلاّن..إلا غربان الأحزان....
البلبل السجين
وقفتُ على عتبة التاريخ أسأله عن يراع رمت به الرياح العواتي في هاوية الأحزان قرب وادي
النسيان علّيَ أرمي إليه بطرف حبل من حبال النجاة...
لكني أبصرته هناك، على مقربة من السطح جاثياً على ركبتيه جثوَّ مكروب محزون خدشته الأيام
بأظافرها اللئيمة، وأوهمه اليأس أنه يقبع في قاع بئر مالها قرار...وأظنني أراه قد توهّم أو يكاد...
ربطتُ حبلي بجذع شجرة العقيدة، وسألتُ ربي التوفيق والسداد..وتقدمتُ مرتجفاً إلى الحافة
المريعة، وألقيتُ ببصري على اليراع الذي لا يزال قابعاً ..هناك.. على صخرة من الأحزان
رُكّبت...مددتُ له يدي طالباً منه الوقوف على قدميه الداميتين..فتململ قليلاً..وتمتم بكلمات هنّ آخر
ما تبقى له من قوة بعد أن كاد الألم القاتل ينزع منه الروح والقلب معاً..
رأيتُ في عينيه بريقاً يدل على قوة كامنة إن أُطلقتْ ملأ صداها أجواء الفضاء ناهيك عن عالم البشر المليء بالمكائد والمصائد المتربصة بيراعي المسكين...
وأخيراً وقف اليراع على قدميه.. وأصدر تنهيدة دلت على عمق جرحه الدامي الذي أصابه به غدر الأيام..في غفلة مني..أو نسيان..
أخرج اليراع من جيبه ورقة ودوّن عليها كلمات قلائل..لكنها كانت في نظري صواريخاً عابرة لقارات القلوب الميتة فألهبتها ..وحرّكت أجراسها لترنَّ مكسّرةً صمت السكون الرهيب..
كلمات ليست كالكلمات..آهات وتأوّهات زلزت كياني المهلهل وتركته رماداً تذروه الرياح...
كلمات من الذهب الخالص حيكت، وباللؤلؤ المنثور زُيّنت لتوضع إكليلاً من زُمرّد على تاج ربيع عمر كاد خريفه أن يفتك به، ويرميه في ذاكرة النسيان..
كلمات ارتعش لها فؤادي المحطّم على صخرة الأيام، واشتعل الرأس شيباً من كيّها وحرّها وصقيعها...
أفقتُ من غفلتي التي لم تدم سوى لحظات، فما وجدتُ بين يدي سوى كلمات..ليست كالكلمات..
ولستُ أدري ما الذي حلّ باليراع الحزين بعدها..أتُراه وصل إلى برّ الأمان ليواصل المشوار..؟؟ مشوار الكفاح.. أم تُراه رَكَنَ إلى الدّعة والسكون ولم يبارح مكانه ..؟؟ هناك ...على حافة النسيان..بين ركام الأزمان...وحيداً..وئيداً..حيث لا ملجأ ولا خلاّن..إلا غربان الأحزان....
البلبل السجين